أبوظبي - ابراهيم الحسن: إن اللغة العربية وعاء حافظ لتاريخنا القديم، وأصدق مسجل لتراثنا في صوت ماضينا، وامتداد حاضرنا، بل هي سابقة لزمانها حيث أوفت بحاجة مجتمعها لحملها رسالة السماء.
جاء في علم اللسانيات والآثار والتاريخ، أن العربية أكبر لغات المجموعة السامية من حيث عدد المتحدثين، وإحدى أكثر اللغات انتشارًا في العالم، اذ يتخاطب بواسطتها أكثر من 422 مليون نسمة، ويتوزع متحدثوها في الوطن العربي، بالإضافة إلى العديد من المناطق الأخرى المجاورة كالأهواز وتركيا وتشاد ومالي والسبنغال وإرتيريا.
وفي إطار أنشطته الثقافية الاجتماعي، ووعيا منه بأهمية الإسهام في خلق مجتمع يعيش في كنف حضارة سامقة، نظم المركز الثقافي الإعلامي للشيخ سلطان بن زايد آل نهيان بمقره محاضرة بعنوان: "اللغة العربية في إفريقيا: الواقع والتحديات" ألقاها الدكتور الخضر عبد الباقي مدير المركز الإفريقي للبحوث العربيـة، وتحدث فيها عن تجذر الثقافة العربية في إفريقيا ونشأتها على أراضيها، ما جعل منها عنصراً مهماً في حياة الشعوب الإفريقية المسلمة، مشيرا إلى أن المذهب المالكي كان من بين ملامح تجذر الثقافة العربية الإسلامية وتمكنها في تلك المناطق، واصفا اللغة العربية بأنها وعاء للثقافة الإسلامية، وأنها تمثل العروة الوثقي والوحدة المعيارية التي تجمع بين الشعوب العربية والإسلامية، مؤكدا في الوقت نفسه علي أن الوفاق العربي والتضامن الإسلامي، يرتكزان بشكل أساسي على هذا الأساس المتين، مما يستوجب تدعيم مكانة اللغة العربية والعمل على نشرها وتعليمها للناطقين بغيرها من الشعوب الإسلامية، لأنّ في ذلك حماية للأمن الثقافي الحضاري للأمتين العربية والإسلامية.
وفي حديثه عن علماء إفريقيا ومفكريها الذين ساهموا في المسيرة الحضارية للثقافة العربية، وأصبحوا من روادها وأعلامها، أشار دكتور الخضر إلى الفقيه أحمد بابا التمبكتي، الذي ألف الكثير من الكتب، والعلامة عبد الرحمن السعدي، المؤرخ الكبير صاحب كتاب "تاريخ السعدي" الذي عدّد فيه بعض الدلائل والشواهد التي تؤكد وجود مجتمع ثقافي عربي في غرب إفريقيا يحاكي المجتمعات العربية في شمال إفريقيا، إضافة إلى ترجمته لأكثر من مائة عالم وشاعر ومؤرخ وفقيه أفريقي، عبّروا عن فكرهم بالعربية.
كما أشار الدكتور الخضر، إلى وجود مدن ومراكز ثقافية عريقة للغة العربية في إفريقيا، اشتهرت بالعلم والفكر، منها: تمبكتو، وأودغست، وأغدس، ومن علمائها محمد الكتشناوي الذي امتدحه الجبرتي، وجاندوت، والبكري وزارها الإمام العلامة السيوطي.
وعن العقبات التي تواجه المؤسسات المعنية باللغة العربية في إفريقيا، قال الخضر: "إن أبرزهذه العقبات، هي التمويل وقلة المدارس العربية، منبها على أن أيّ تقصير في دور هذه المؤسسات سيؤدى إلى تراجع كبير في نشر وفهم اللغة العربية مما يترتب عليه تراجعا كبيرا في فهم الدين الإسلامي، مشيدا في الوقت نفسه بالتلاحم الكبير الذي شهدته فترة الستينات من القرن الماضي والذي تميز بترجمة الأدب العربي من وإلى اللغات الإفريقية، مما كان له كبير الأثر في نشر الثقافة العربية بالدول الإفريقية.
وعن دور الإمارات الثقافي في إفريقيا، أفاد دكتور الخضر أن للإمارات حضورا ثقافيا كبيرا وإسهاما ماديا سخيا، مشيدا بالحس الثقافي لدى الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان رئيس المركز الثقافي الإعلامي، الذي له الأثر المباشر في مسيرة التواصل الحضاري بين الشعوب والثقافات.
وفي مداخلة له أكد الدكتور حمد علي المدير التنفيذي للمركز الثقافي الإعلامي، المستشار الإعلامي للشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، إلى أن اللغة العربية تتعرض لانتهاكات خطيرة في الفضائيات العربية، منبها إلى ضرورة العودة إلى اللسان العربي المبين، ومشدّدا على أهمية إحيائها والعودة بها إلى المقدمة بحيث تكون لغة العلم والثقافة، مؤكدا في الوقت ذاته حرص قيادة دولة الإمارات والشيخ سلطان بن زايد آل نهيان على حماية اللغة العربية، سيرا على نهج مؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
من بين الذين استمعوا إلى محاضرة الدكتورالخضر: بشير يوغودا غوساو السفير النيجيري وعدد غير قليل من الإعلاميين والمهتمين بالشأن الثقافي من مختلف الجنسيات، ما يؤكد حقيقة أن الثقافة نظرية في السلوك بقدرما هي نظرية في المعرفة، وأنها تعني التراث بعناصره المتعددة، ومنها اللغة التي عن طريقها يتمّ التفاهم بين عناصر الجماعة ويقوي الترابط بين الأفراد والهيئات، ثم الدين ذلك العنصر الضروري للحياة الاجتماعية، وهو نظام متماسك من العقائد والإيمانيات الفرائض والواجبات العلمية، قوامه التجانس الذي يؤدي إلى تكوين فكر محدّد،ثم العرف والعادات تلك العناصر المتشابهة التي تشكل في مجملها طابعا قوميا يمثل الأمة عن غيرها.
المصدر:
http://www.alarabonline.org/index.as...30:15%20%D9%85